حبونى على طول Admin
عدد المساهمات : 751 نقاط : 2017 تاريخ التسجيل : 02/10/2009
| موضوع: لماذا الكافر ينعم؟ الإثنين فبراير 08, 2010 9:34 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ما نسمع بهذا السؤال لماذا الكافر ينعم؟ المتتبع لآيات القرآن الكريم يجد أن مبدأ الابتلاء بالمصائب والتخويف والعقاب بها ليس مقصورا على العصاة من المؤمنين بل إن القرآن كان أكثر تركيزا على تعاقب هذه الأحوال الثلاثة على الكافرين , ولنقف أولا على هذه الآيات
وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ{42} فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{43} فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ{44} فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{45}سورة الأنعام .
فالآيات تفيد أن سنة الله تعالى في الأمم السالفة :إرسال النذر البشرية من الأنبياء والرسل , ثم إرسال النذر الكونية , فإذا لم تكن الجدوى من هذين النوعان من النذر,حل عليهم العقاب الدنيوي ويبدأ بتدفق نعم الله عليهم من كل جانب , ولما كانت هذه النعم لا تقابل من الكافرين بالشكر لله كما ينبغي فإن قلب الحال عليهم فجأة ودون تحسب يكون من أبلغ أنواع العقاب الدنيوي .
وتعبر آيات أخر عن هذا النوع من العقاب بالإملاء ثم الأخذ , قال تعالى : {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }الرعد32 {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ }الحج48
وعبرت عنه آيات أخر بالاستدراج {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }الأعراف182
وتعبر عنه آيات أخر بالمكر ( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ{50} فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ{51})سورة النمل , {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }الأعراف99
ولعل تسميته كيدا أو إملاء او مكرا تأتي من قبل تأخير العقوبة عليهم واغترارهم بالواقع الذي هم عليه وفتح باب النعم عليهم , فيكون نتيجة ذلك تماديهم في المعصية والغفلة عن الله تعالى وحتى تزول من واقعهم جميع مؤهلات استنزال الرحمة الإلهية والتمكين والنصر , عندها تكون العقوبة الدنيوية على قدر المأثم.
تعبر عن ذلك بعض الآيات حيث يقول تعالى : (ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ{95})الأعراف .
فهولاء الذين تشرح الآية حالهم لم يعد لديهم حس بالتدبير الإلهي للكون وأصبحوا ينظرون إلى ما يصيبهم من في دنياهم على أنها أحداث دنيوية معزولة تماما عن علاقاتهم بربهم .
في سورة الإسراء تعبر الآية 16 عن هذا الإملاء بالأمر , {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } والأمر هنا بمعنى التسليط ,وليس التسليط مقتصرا على جعلهم قادة أو حكاما , لأن هناك من السلطات على أخلاق الناس وآدابهم ما يتفوق من حيث الأثر على سلطة الرؤساء والوزراء , وربط الفسق بهؤلاء المسلطين يعني يقينا شيوعه بين سائر طبقات المجتمع لأن المتسلط فكريا أو نظاميا عادة يعتني بتهيئة الأسباب ليكون ما هو عليه من الخروج عن محض الاستعباد لله أصلا سائدا في المجتمع .
والعقوبات النهائية للمجتمعات الكافرة بعد الإنذار والتخويف والإملاء , قد تكون أخذا بالكلية ويعبر عنه القرآن بالقصم والإهلاك ينقطع به وجود تلك الأمة على الأرض , ليكون التمكين من بعهم لأمة أخرى , {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ }الأنبياء11 {فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ }الحج45
وقد تكون بتغيير النعمة إلى ضدها وزيادة النكاية عليهم بغلبة البأساء والضراء في جميع أحوالهم {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }النحل112
وفي كلا الحالين أي : إن أخذ الله تلك الأمة أو غير عليها نعمتها فإن سنة الله أن يرث مكانها في التمكين من الخيرات أمة أخرى تتعرض للابتلاءات نفسها ليتحول التاريخ من خلال تلك الابتلاءات {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ }الأعراف100 منقول
| |
|