إلى أين يا عرب ؟

إلى أين يا عرب ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى أين يا عرب ؟

المتأمل في أحوال العرب ينظر عجبا ويعجبا أسفا إلى ما آل إليه الحال من اهتزاز أمني وتصدع

اجتماعي وصراع دموي وفرقة وشتات وسلب وانتهاك فإلى أين يا عرب نحن سائرون ؟

كلما منينا أنفسنا بوحدة تجمعنا ينشب خلاف يبعدنا , لماذا يا عرب نفتح فجوة الخلاف السياسي

فيما بيننا ؟ أمن أجل المنصب تكرس حياتنا وتزهق أرواح الأبرياء ؟ لماذا يا عرب نخلق أزمات

اقتصادية خانقة لشعوبنا وتستأثر الثروات لمصالح خاصة للخاصة ؟ أين إذا نحن سائرون ؟

إلى أخاديد النار أم قاع البحار أم فوهة البركان وكلها عنوان للدمار , إن ما نشاهده في أقطار الدول

العربية من منازعات ومشاحنات لأمر جلل ونذير شؤم بقرب انهيار المجتمعات العربية لتعود

إلى ذل الاحتلال وهوان الاستعمار , فلقد بدلوا نعمة الله كفرا وحلوا قومهم دار البوار , أيها العرب

لقد أنعم الله علينا بنعمة عظيمة ما كانت لمن قبلنا يقول الله تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعا

ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم

على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون } آل عمران 103

نعم لقد كان العرب أعداء وعندما جاء الإسلام وتمسكوا بالدين ألف الله بين قلوبهم وأصبحوا

إخوانا ولكن ما يحدث الآن مغاير ومناقض لما ورد في الآية الكريمة وكأننا عدنا للجاهلية

أو أننا عدنا حقا للجاهلية فقد تركنا التمسك بحبل الله المتين وتمسكنا بخيوط العنكبوت الواهنة

فتمزقت بنا وتمزقنا معها وتفرقنا فرقة دامية حاقدة متعادية ليس لها مبرر أو هدف نبيل

سوى الحصول على السلطة والاستفراد بالموارد والثروات والخيرات ولأجلها أشهرنا

أسلحتنا لبعضنا , فو الله إنه لعار أن نوجه أسلحتنا في وجوه بعضنا فيما أعداؤنا يوجهون

أسلحتهم لنا فصارت كل الأسلحة مسلطة علينا , أليس مؤلما أن نشاهد تمزقا في السودان

وصراعات طائفية دموية في العراق وخلافات سياسية حادة في الفصائل الفلسطينية بدلا

من توحيد هذه الفصائل تحت لواء واحد لمواجهة العدو المغتصب , أليس مؤلما ما يحدث

في لبنان من اشتباكات مسلحة وأزمة تعصف بالشعب البريء من أجل تحقيق مطامع

الأحزاب المتنافرة , وما يدور في اليمن من انقسامات للوحدة شمالية وجنوبية وحوثية

وأزمة الجزائر الأزلية في صراعات النخب السياسية والعسكرية , وما يدور في الصومال

من مجازر وسفك للدماء وإزهاقا لأرواح الأبرياء وأحداث تونس المؤلمة

في الآونة الأخيرة وما نتج عنها من قتلى ودمار وشغب وأضرار , ناهيك عن كثير من

الخلافات والأزمات السياسية بين الدول العربية التي وسعت فجوة الشتات والفرقة .

لقد أثبتت الأيام أن العرب يفتقدون لثقافة الحوار السياسي وأخلاقيات الخلاف , فنشاهد

مظاهرات همجية تعقبها طلقات نارية ينتج عنها مئات القتلى وطبقنا المثل القائل :

( جحا أولى بلحم ثوره ) , لقد وصل العرب إلى طريق تفرعت مسالكه فتاهوا

في معترك الحياة ذلك أنهم نسوا ما ذكروا به وتخلوا عن التشريع بشرع الله القويم

وآثروا تشريعات وقوانين وضعية من صنع البشر بحسب أنهم يدركون الحضارة

وما أدركوا أنهم يتجرعون الخسارة علقما ومرارة فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين

أيها العرب لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام أسوة حسنة فتحوا

الأمصار وحكموا أقطار الأرض وتسيدوا المعمورة ذلك لأنهم اعتصموا بحبل الله جميعا

ولم يتفرقوا , فإذا لم يكن هذا منهجكم في الحياة وأردتم العزة بغيره فإلى أين يا عرب ؟

اللهم أعز الإسلام والمسلمين واجمع كلمتهم ووحد صفوفهم إنك ولي ذلك والقادر عليه

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليم كثيرا